دعا الفائز بنوبل للآداب للعام 2021 الروائي عبد الرزاق غورنا أوروبا إلى اعتبار اللاجئين الوافدين إليها من أفريقيا بمثابة ثروة، وشدد الكاتب المقيم في منفاه البريطاني أمس الخميس على أن هؤلاء “لا يأتون فارغي الأيدي”.
وقال غورنا في مقابلة مع مؤسسة نوبل (Nobel) إن “كثيرين من هؤلاء.. يأتون بدافع الضرورة، ولأنهم بصراحة يملكون ما يقدّمونه. وهم لا يأتون فارغي الأيدي”، داعيا إلى تغيير النظرة إلى “أشخاص موهوبين ومفعمين بالطاقة”.
ويتميّز الروائي عبد الرزاق غورنا، المولود في زنجبار والمقيم في بريطانيا، بأعماله التي تغوص في آثار الاستعمار والهجرة على الهوية.
وكوفئ غورنا بالجائزة الأدبية الأرقى تقديرا لسرده “المتعاطف والذي يخلو من أي مساومة لآثار الاستعمار ومصير اللاجئين العالقين بين الثقافات والقارات”، بحسب لجنة التحكيم التي أشادت بـ”تمسّكه بالحقيقة وإحجامه عن التبسيط”.
لجأ عبد الرزاق غورنا المولود في زنجبار -وهي أرخبيل يقع قبالة ساحل أفريقيا الشرقية باتت جزءا من تنزانيا- إلى بريطانيا في نهاية الستينيات بعد بضع سنوات من الاستقلال في وقت كان فيه عرب المنطقة يتعرّضون للاضطهاد. ولم يتسنّ له أن يعود إلى زنجبار إلا في العام 1984.
وكشف غورنا في تصريحات لوكالة “بي إيه” (B.A) البريطانية “لم أستوعب بعد أن الأكاديمية قررت تسليط الضوء على هذه المواضيع المتجذّرة في أعمالي كلها. ومن المهم التطرّق إليها والتناقش فيها”، معربا عن فخره الكبير بهذه الجائزة.
ويعيش عبد الرزاق غورنا في برايتون في جنوبي شرقي إنجلترا، وقد درّس الأدب في جامعة “كنت” (University of Kent) حتى تقاعده منذ فترة قصيرة.
واعتبرت الحكومة التنزانية أن تكريم غورنا يشكّل فوزا لتنزانيا وللقارة الأفريقية برمّتها. وقال الناطق باسم الحكومة التنزانية في تغريدة على تويتر توجّه فيها إلى الفائز “كرّمتم من دون شكّ مهنتكم على أفضل وجه. فوزكم هو فوز لتنزانيا وللقارة الأفريقية برمّتها”.
ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية (The Guardian) عن غورنا -الذي كان في المطبخ عندما تم إبلاغه بفوزه- قوله “اعتقدت أنها كانت مزحة”، وأضاف “عادة ما يتم طرح هذه الأشياء لأسابيع قبل موعدها، أو في بعض الأحيان قبل أشهر، حول من هم المتسابقون، لذلك لم يكن ذلك شيئًا في ذهني على الإطلاق. كنت أفكر فقط، أتساءل من سيحصل عليها؟”.
التنزاني الزنجباري
غورنا المقيم في بريطانيا هو أول روائي أفريقي يفوز بالجائزة منذ فوز الروائي الزيمبابوي/البريطاني دوريس ليسنيغ بها في 2007، وهو ثاني فائز ملون من أفريقيا جنوب الصحراء بعد الكاتب المسرحي النيجيري ولي سويينكا الذي فاز بها عام 1986.
ووصف غورنا فوزه بالجائزة بأنه أمر رائع حقا، وقال إن منحه جائزة نالها عدد هائل من الكتَّاب البارعين شرف كبير له.
وكان غورنا أستاذا ومديرًا للدراسات العليا في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة كِنت حتى تقاعده، واهتمامه الأكاديمي الرئيسي ينصب على نصوص ما بعد الاستعمار والخطابات المرتبطة بالاستعمار، بخاصة في ما يتعلق بأفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي والهند.
ويكتب غورنا رواياته باللغة الإنجليزية مع أن لغته الأولى هي السواحلية المعتمدة في تنزانيا، ومن بين أعماله “بارادايس” (الفردوس)، وتدور أحداثها حول الاستعمار في شرق أفريقيا خلال الحرب العالمية الأولى، و”ديزيرشن” (هجران).
وُلد غورنا في جزيرة زنجبار عام 1948، ولكن بعد انتهاء حقبة الحكم البريطاني في عام 1963 واجه اضطهادا بسبب عرقه العربي، فاضطر إلى الفرار، وانتهى به الحال لاجئا في بريطانيا أواخر الستينيات، وهو يعيش هناك منذ ذلك الحين، وكان يعمل بالتدريس في جامعة كِنت حتى تقاعده، وكتبت الجامعة على موقع تويتر “إننا سعداء للغاية لأن محاضرنا السابق عبد الرزاق غورنا حصل على جائزة نوبل في الأدب، إنه لأمر مُلهم حقا!”.
ولم يستطع غورنا العودة إلى زنجبار إلا في عام 1984، وذلك مكّنه من رؤية والده قبل وفاته بوقت قصير.